في زمنٍ كانت فيه وسائل التواصل الاجتماعي والحياة الرقمية تحكم حياتنا اليومية، قد يفاجئ الكثيرون بأن جذور التلفزيون العربي تمتد إلى عمق التاريخ، ولم تكن بالشرق الأوسط وشمال افريقيا لم تكن في دمشق بيروت او حتى في القاهرة  بل تحديداً في العاصمة العراقية بغداد.
ففي عام 1956، أي قبل عقود من انتشار التلفزيون في العديد من دول العالم، كان العراق سباقا في إطلاق أول محطة تلفزيونية في المنطقة العربية، وتلك الخطوة التاريخية جعلت من بغداد مركزاً إشعاعياً للإعلام المرئي في الشرق الأوسط.
تخيلوا مشهداً لعائلات عراقية تجتمع حول شاشات التلفاز الأولى، تتابع بذهول الصور المتحركة والأخبار العالمية، وكأنها نافذةٌ فتحت على عالم جديد، كانت هذه الأجهزة البسيطة تمثل قفزة نوعية في التواصل، وجسراً يربط العراقيين بالعالم الخارجي.
ولم يقتصر دور التلفزيون العراقي على البث، بل قدم محتوىً غنياً ومتنوعاً عكس هوية العراق وتراثه، فقد قدمت البرامج الثقافية والأخبار والمسلسلات التلفزيونية مزيجاً فريداً من الأصالة والمعاصرة، جعل من التلفزيون العراقي علامة فارقة في المنطقة.
اليوم، ومع تطور التكنولوجيا وظهور وسائل تواصل جديدة، لا يزال إنجاز العراق في مجال التلفزيون مصدر فخر واعتزاز، فقبل أن تصبح الشاشات مسطحة والأخبار تنتشر بسرعة البرق، كان العراقيون يشاركون العالم تجربتهم التلفزيونية الأولى، ويؤكدون ريادتهم في هذا المجال.
في المرة القادمة التي تشاهد فيها التلفزيون، تذكر أن هذه الصناعة التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، بدأت رحلتها في قلب بغداد، حيث كانت شاشة التلفزيون نافذةً على العالم، وجسراً للتواصل بين الشعوب.