إدمان الأخبار السيئة: كيف تؤثر المأساة على عقولنا؟

كاتب 3 22/03/2025 - 04:24 PM 241 مشاهدة
# #

تعتبر ظاهرة انجذاب الأفراد إلى الأخبار السلبية إحدى الظواهر النفسية والإعلامية التي تتجلى بشكل بارز في وسائل الإعلام الحديثة، حيث يتوجه الكثيرون بشكل غير إرادي إلى متابعة القصص التي تتضمن أحداثا مأساوية، مثل الجرائم البشعة والحوادث الدامية، مما يعكس تأثيرا عميقا على كيفية تلقي الجمهور للأخبار وتفاعلهم معها.
 
وفي هذا السياق، قام الدكتور سام غولدشتاين، عضو هيئة التدريس المساعد في كلية الطب بجامعة يوتا الأميركية، بدراسة الأسباب الكامنة وراء هذا الانجذاب للأخبار السلبية. في تحليله الذي نشره موقع "بي سيكولوجي توداي"، أكد غولدشتاين أن هذه الظاهرة ليست مجرد نتيجة للمنافسة الإعلامية فحسب، بل هي ظاهرة هيكلية ونفسية عميقة تمتد آثارها على المدى البعيد.
 
وأوضح غولدشتاين أن الأخبار المتعلقة بالكوارث الطبيعية والأزمات المجتمعية، فضلا عن الإخفاقات في مختلف المجالات، تهيمن على وسائل الإعلام بسبب تحيز معرفي فطري لدى البشر نحو الكشف عن التهديدات والمخاطر. هذا التوجه المستمر نحو نشر الأخبار السلبية يعكس رغبة غريزية في حماية الذات من الأخطار المحتملة، مما يعزز انجذاب الجمهور لهذه الأنواع من الأخبار.
 
وأشار غولدشتاين إلى أن وسائل الإعلام المعاصرة تلجأ بشكل متعمد إلى نشر الأخبار السلبية لأنها تحظى بتفاعل أكبر من الجمهور، مما يساعد في زيادة المشاهدات وتحقيق الأرباح. الأخبار السلبية تجذب مشاركات وتفاعلات أكثر على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ينجذب الأفراد أكثر لقراءة القصص المأساوية مقارنة بتلك التي تحمل رسائل إيجابية.
 
وقد أضاف غولدشتاين أن هذا التوجه لا يخلو من تداعيات سلبية على المجتمع، حيث يمكن أن يؤدي إلى فقدان الحساسية تجاه الأخبار السيئة مع مرور الوقت. كما يمكن أن يسهم في انتشار القلق العام وتآكل الثقة في المؤسسات الرسمية والمجتمعية، مما يخلق بيئة من السخرية والانعزال الاجتماعي.
 
ومن بين الآثار السلبية الأخرى التي يترتب عليها الانجذاب المستمر للأخبار السلبية، أشار غولدشتاين إلى تزايد الاستقطاب الاجتماعي، وانخفاض المشاركة المدنية، مما يسهم في تراجع الثقة في الحوكمة ويزيد من انتشار المعلومات المضللة. كما يؤدي ذلك إلى "تشويه الصورة العامة" لبعض المهن أو الشخصيات نتيجة للتركيز على أحداث فردية أو تصريحات مثيرة للجدل، مما يخلق انطباعات غير دقيقة.
 
وفي الختام، تبين هذه الظاهرة الأثر العميق الذي تلعبه وسائل الإعلام في تشكيل الأفكار والمواقف العامة تجاه القضايا الاجتماعية والسياسية، كما تبرز الحاجة الماسة إلى وعي جماعي يمكن أن يخفف من تأثير الأخبار السلبية على الأفراد والمجتمعات.

حقوق الطبع والنشر © Video IQ