لجنة المحتوى الهابط.. بين حماية الذوق العام والتمييز في تطبيق القانون

كاتب 3 12 نيسان 2025 240 مشاهدة
# #

منذ تأسيس ما يعرف بـ"لجنة المحتوى الهابط" في العراق، أصبح الجدل محتدما حول دورها، وفعالية قراراتها، وما إذا كانت تطبق القانون بمعايير واضحة وعادلة.
 
 اللجنة، التي شكلت من جهات أمنية وإعلامية، تهدف رسميا إلى مواجهة ما يعد "إساءة للذوق العام" أو "انحرافا في القيم المجتمعية"، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
 
لكنها سرعان ما أصبحت محط انتقادات واسعة بسبب ما وصف ب"الانتقائية" في استهداف بعض المؤثرين وترك آخرين يمارسون نفس السلوك دون مساءلة.
 
خلال العامين الماضيين، شهدت الساحة العراقية موجة من الاعتقالات شملت عددا من صانعي المحتوى على منصات مثل تيك توك ويوتيوب، بتهم تتعلق بـ"نشر محتوى هابط". وتفاوتت الأحكام بين الغرامة والسجن، فيما رأى البعض في تلك الخطوات نوعا من "الردع" الضروري للحد من الانفلات الأخلاقي على الإنترنت، خاصة مع تزايد استخدام هذه المنصات من قبل فئة الشباب.
 
لكن في المقابل، ظهرت تساؤلات عديدة: من يحدد ما هو "هابط"؟ وهل هناك معايير واضحة أم أن القرارات تتخذ بناء على اجتهادات شخصية أو ضغوط اجتماعية أو سياسية؟
 
من أكثر النقاط إثارة للجدل هي ما وصفه الكثيرون ب"الاستثناءات الصارخة" في تطبيق قرارات اللجنة. فبينما يعتقل أحدهم بسبب فيديو ساخر أو أسلوب أداء اعتبر مبتذلا، نجد آخرين يقدمون محتوى مشابها، بل أحيانا أكثر تطرفا، دون أن تطالهم يد القانون.
 
هذه الانتقائية فتحت الباب للحديث عن وجود علاقات نافذة، أو تدخلات سياسية، أو حتى "شعبية" تحمي بعض الشخصيات من المحاسبة، مما قوض مصداقية اللجنة في نظر الرأي العام.
 
لا يختلف كثيرون على أهمية تنظيم المحتوى الرقمي، خصوصا في ظل التأثير الكبير الذي تملكه وسائل التواصل الاجتماعي على الثقافة والسلوك العام. لكن الخطر يكمن في أن تستخدم هذه اللجنة كأداة رقابة انتقائية، بدلا من أن تكون جهة مهنية تعنى بتنظيم المحتوى ضمن إطار قانوني عادل وشفاف.
 
إن استمرار عمل لجنة المحتوى الهابط بهذه الطريقة يضعها أمام مفترق طرق: إما أن تعيد النظر في آليات عملها ومعاييرها لتستعيد ثقة الناس، أو أن تتحول إلى أداة قمعية جديدة تستخدم لتصفية الحسابات أو فرض وصاية أخلاقية غير عادلة.
 
 فحرية التعبير لا تعني الفوضى، لكن تنظيمها لا يجب أن يعني الكيل بمكيالين.

حقوق الطبع والنشر © Video IQ