تشغل الساحة السياسية العراقية منذ أيام أحاديث متعلقة بحل الحشد الشعبي، ضمن سلسلة مطالب دولية وتحديدا أمريكية، رغم رفض رئيس الوزراء ، محمد شياع السوداني، القبول بأي إملاءات أو ضغوط من الخارج، لا سيما بشأن حل الحشد.
وفي هذا الإطار، كشفت شبكة إسرائيل 24 المرتبطة بالنظام الإسرائيلي، اليوم الاثنين، عن وجود ما وصفته بـ”النوايا الأمريكية لحل هيئة الحشد الشعبي في العراق”، مؤكدة ان الولايات المتحدة باشرت بـ”إعادة تقييم العراق مرة أخرى” عقب سقوط النظام السوري.
ويرجع تشكيل هيئة الحشد الشعبي في العراق إلى عام 2014 عندما أصدر المرجع الشيعي الأعلى، السيد علي السيستاني، في النجف فتوى بتشكيل حشود شعبية لمواجهة خطر تنظيم داعش، الذي توغل داخل مدن عراقية وسيطر على ثلث أراضي العراق، ووصل إلى مشارف العاصمة بغداد.
فهبت الحشود، وتطوع ما يقارب المليون شخص السلاح وتوجهوا إلى جبهات القتال مع الجيش العراقي، وبعد مرور عامين، أصدر مجلس النواب العراقي عام 2016، بعد طلب رفعه نواب من الكتل الشيعية، قانونا خاصا بالحشد الشعبي في العراق، باعتباره أحد تشكيلات القوات المسلحة العراقية.
وقالت الشبكة في تقرير تابعته “العالم الجديد”، إن “زيارة وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن الى بغداد حملت رسالة الى الحكومة العراقية مفادها ان بغداد تخضع الان لـ(إعادة تقييم) من الولايات المتحدة، وتتضمن العملية شروطاً يجب على الحكومة تنفيذها او مواجهة العواقب”، على حد وصفها.
وتابعت أن “البيان الذي أصدرته النجباء عقب زيارة بلينكن أشار الى هذه التهديدات، بالإضافة الى تصريحات الساسة العراقيين التي اكدت وجود التوجه الأمريكي الجديد”، موضحة أن “الولايات المتحدة قررت ان يكون العراق خارج محور النفوذ الإيراني بعد سقوط نظام الأسد، وباشرت الان بتطبيق ذلك من خلال إيصال رسائل واضحة ومباشرة لحكومة بغداد”، على حد وصفها.
وأكدت الصحيفة ان “التهديد الأمريكي المفاجئ للعراق يأتي ضمن سياستها الجديدة للتعامل مع المنطقة”، لافتة الى أن “الولايات المتحدة أبلغت بغداد أيضا ان من مصلحتها الوطنية ان تقوم بحل ما يعرف باسم هيئة الحشد الشعبي”.
وبينت أن “واشنطن تحاول ان تثبت نفوذها على العراق من خلال حل الجهات المرتبطة بايران قبل انسحابها من أراضيه المتوقع في العام 2025”.
وأشارت الصحيفة إلى ان “الحكومة العراقية باشرت بالعمل على تقريب وجهات نظرها مع السعودية وطرح تعاون اقتصادي وامني بعيد عن الجانب الإيراني في محاولة لتقديم تطمينات الى واشنطن”، مدعية ان “الفصائل المسلحة في العراق باتت تعيش ايامها الأخيرة بعد انهيار محور المقاومة الإيراني في المنطقة”، على حد وصفها.
إلى ذلك، أوجز الأمين العام لكتائب سيد الشهداء أبو الاء الولائي (أحد الفصائل العراقية)، اليوم الاثنين، ثلاث نقاط ورسائل تعليقًا على الاحاديث التي تشغل الساحة السياسية العراقية منذ أيام والمتعلقة بحل الحشد الشعبي.
وقال الولائي في تغريدة له عبر منصة “أكس”، انه “في الوقت الذي نبارك فيه ولادة السيدة الزهراء (عليها السلام) قلب النبوّة ونبض الامامة، فإن من المهم التأكيد على إن الحشد هو حل لما لاحل له، ولا حلّ له”.
وأضاف في النقطة الثانية انه “لم يمر على العراق يوم خلال العقدين الماضيين كان فيه قويا كما هو الان”، مشددا على أن “ارسال رسائل الاطمئنان للعدو تصريحا او سلوكا حرام شرعا، ولن تنزل صاحبها الا من العزة الى الندم”.
وكان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أكد، الخميس الماضي، رفضَه القبول بأي إملاءات أو ضغوط من الخارج، لا سيما بشأن حل هيئة الحشد الشعبي، كونها مؤسسة رسمية صدرت بقانون عام 2014 حظي بمصادقة البرلمان.
وقال السوداني للتلفزيون الرسمي: من غير المقبول توجيه شروط وإملاءات إلى العراق، ولا توجد أي شروط لحل الحشد الشعبي.
فيما أعلن السوداني أنَّ حكومته تعمل على تقييم الأوضاع في سوريا؛ من أجل اتخاذ القرارات اللازمة بتطوراتها، مؤكداً ضرورة “مساعدة السوريين في إدارة شؤون بلدهم من دون أي تدخل يتجاوز سيادة ووحدة الأراضي السورية”.
وكشفت صحيفة الأخبار اللبنانية، في 21 كانون الأول ديسمبر الجاري، عن رفض المرجع الديني في العراق علي السيستاني، اصدار فتوى لحل الحشد الشعبي بالرغم من الضغوط الغربية التي يتعرض لها العراق.
وكانت مصادر سياسية مطلعة في العراق كشفت، في 18 ديسمبر كانون الأول الجاري، عن تلقي الحكومة العراقية رسالة أميركية محرجة تطالبها بحل الحشد الشعبي ومكافحة السلاح المتفلت وإبعاد تأثيرات دول الجوار على قرارها السيادي، مقابل استمرار الدعم للنظام السياسي القائم، فيما ربطها سياسيون بـ”مؤامرات داخلية” تستهدف إضعاف المكون “الأقوى”، وخلخلة الاستقرار الأمني في البلاد.
وأقر عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية مختار الموسوي، في حينها، بوجود ضغوط أمريكية لحل الحشد، داعياً الحكومة إلى عدم الاستجابة لها، مهما كلفها من ثمن، لافتاً إلى أن “الحشد الشعبي يشكل صمام أمام البلاد، ومن ثم الأجهزة الأمنية والعسكرية.
وأكد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة محمد الحسان، في 12 من الشهر الحالي، في مؤتمر صحفي من النجف عقب لقائه نجل المرجع الديني الأعلى في النجف علي السيستاني، أنه ناقش “خطوات النأي بالعراق عن أية تجاذبات سلبية لا تخدم أمنه واستقراره”، وألا يتحول البلد إلى ساحة لتصفية الحسابات، داعيا القوى السياسية العراقية لوضع مصلحة البلد في الصدارة، والتأكيد على أن “أمن العراق والعراقيين غير قابل للمساومة”.
وكان المرجع السيستاني، قد أكد في بيان صدر عن مكتبه عقب اللقاء بالحسان في 4 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، على منع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد.
يذكر أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أجرى جولة في المنطقة العربية، وقد هبط في العراق بشكل مفاجئ، في 13 كانون الأول ديسمبر الحالي، والتقى السوداني، وشدد خلال اللقاء، وفقا لما نقلت وكالة “رويترز” على “التزام الولايات المتحدة بالشراكة الاستراتيجية الأمريكية العراقية وبأمن العراق واستقراره وسيادته”.
ونقلت وسائل إعلام عن “مصادر سياسية”، يوم السبت الماضي، نقل بلينكن رسائل “تهديد” مباشرة إلى السوداني، بشأن الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في العراق، ومستقبل تلك الفصائل وتحركاتها”.
يشار إلى أن مسؤولا حكوميا، كشف أن حكومة السوداني تحدثت مع قوى الإطار التنسيقي بشكل “صريح”، وأبلغتهم “حرفيا” أن “الحديدة حامية”، داعية إياهم إلى “التروي والتفكير الجدي في مسألة تفادي ضربة إسرائيلية”، حسب ما نقلت وسائل إعلام عدة.
يذكر أن “العالم الجديد”، ناقشت في تقرير موسع انهيار ما يسمى بـ”محور المقاومة”، عقب سقوط نظام بشار الأسد، في سوريا، وقطع الطريق على تسليح حزب الله اللبناني، وإسقاط نظرية “الهلال الشيعي” على نحو سريع ومفاجئ، وبحسب باحثين ومراقبين، فإن عملية طوفان الأقصى كانت بداية النهاية لهذا المحور الذي حمل إيران كلفة اقتصادية وبشرية هائلة، فيما شككوا بقدرة إيران “التوسعية” مستقبلا بعد موت “وحدة الساحات” ونشاط الداخل الإيراني “المعارض”.
ويشير مصطلح محور المقاومة أو الممانعة، إلى تحالف عسكري وسياسي غير رسمي مناهض لإسرائيل والولايات المتحدة، ويضم كلا من إيران وسوريا والفصائل العراقية الموالية لطهران، وحركة حماس الفلسطينية، وحزب الله اللبناني، وحركة أنصار الله اليمنية (الحوثيون)، وتصنف الولايات المتحدة معظم تلك الجماعات كمنظمات إرهابية.