في أزقة الكوفة القديمة، حيث تتداخل رائحة التاريخ مع عبق الأخشاب، يقف سيد نعمة الفحام، شامخًا كشجرة سنديان، يحكي قصة أربعين عامًا قضاها في صناعة الزوارق الخشبية، في منطقة السراي، التي تشتهر بمبانيها التراثية، حيث يمتلك الفحام ورشة صغيرة، لكنها زاخرة بالإبداع والمهارة.

حرفة متوارثة عبر الأجيال:
يروي سيد نعمة الفحام، بصوت يملؤه الفخر، لوكالة فيديو الإخبارية أنه تعلم هذه الحرفة من والده وعمه، الذين كانوا من أشهر صناع الزوارق في الكوفة.
 ويقول: "هذه الحرفة ليست مجرد مصدر رزق، بل هي جزء من هويتنا وتراثنا. لقد تعلمت كل تفاصيلها وأسرارها من والدي، وأنا حريص على نقلها إلى أبنائي".

إقبال متزايد على الزوارق الكوفية:
يشير أبو كرار، نجل سيد نعمة، إلى أن هناك إقبالًا كبيرًا على شراء الزوارق التي يصنعونها، خاصة من محافظات الأنبار والبصرة، التي تشتهر بالأنهار والبحيرات مضيفا: "زبائننا يأتون من مختلف أنحاء العراق، لأنهم يثقون بجودة صناعتنا ومتانتها".

أنواع الزوارق وأخشابها:
تتنوع الزوارق التي يصنعها الفحام، ولكل نوع استخداماته الخاصة. ومن أشهرها:
قارب "المهيلة": وهو قارب كبير الحجم، يستخدم في البحار، ويصل سعره إلى 50 مليون دينار عراقي.
قارب "البزل": وهو قارب متوسط الحجم، يستخدم في الأنهار، ويستغرق تصنيعه نحو أربعة أيام.
قارب "الشطوط": وهو قارب صغير الحجم، يستخدم في التنقل والصيد في الأهوار والأنهار الضحلة.
ويستخدم الفحام أنواعًا مختلفة من الأخشاب في صناعة الزوارق، منها:
خشب التوت
خشب النبق
خشب جام
خشب جاوي

تحديات تواجه الحرفة:
رغم الإقبال المتزايد على الزوارق الكوفية، إلا أن الحرفة تواجه بعض التحديات، منها ارتفاع أسعار الأخشاب، وصعوبة الحصول عليها، بالإضافة إلى منافسة الزوارق المصنوعة من الألياف الزجاجية.
الحفاظ على التراث:
يؤكد سيد نعمة الفحام على أهمية الحفاظ على هذه الحرفة التراثية، ونقلها إلى الأجيال القادمة. ويدعو الجهات المعنية إلى دعم صناع الزوارق، وتوفير المواد الأولية اللازمة لهم، وتسويق منتجاتهم.
صناعة الزوارق في العراق:
يشار إلى ان مهنة صناعة الزوارق والقوارب الخشبية منتشرة في العراق خاصة في المناطق الجنوبية منه حيث تكثر الانهار والمسطحات المائية، وتعتبر مدينة الكوفة من المدن التي ما زالت تحافظ على هذه المهنة التراثية، وهنالك عوائل توارثت هذه المهنة عبر مئات السنين.