يشهد مجلس النواب العراقي حالة من
الشلل التام منذ السادس عشر من شباط الماضي حيث تعطلت جلساته بشكل متكرر لعدم
اكتمال النصاب القانوني المطلوب والمحدد بمئة وستة وستين نائبا من أصل ثلاثمئة
وثمانية عشر.
ويتصدر الخلاف بين الكتل النيابية بسبب
عدد من القوانين المطروحة مثل قوانين الحشد الشعبي والمساءلة والعدالة وهو ما دفع
بعض النواب للمطالبة بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة في حين يرى آخرون أن الحل
يكمن بالتوافق السياسي خارج قبة البرلمان مع تصاعد المخاوف من لجوء القوى السياسية
إلى السلة الواحدة بتمرير مجموعة من القوانين المتنازع عليها دفعة واحدة.
يمثل قانون هيئة الحشد الشعبي الذي يعود
إلى عام ألفين وأربعة عشر إحدى القضايا المعقدة والمثيرة للجدل في المشهد السياسي
العراقي حيث لعبت قوات الحشد الشعبي دورا محوريا في الحرب ضد تنظيم داعش الارهابي
حيث تشكل منذ تأسيسه من فصائل مسلحة متنوعة وهو ما جعله قوة مؤثرة في المشهد
الأمني والسياسي للبلاد.
وفي عام ألفين وأربعة وعشرين أرسلت الحكومة
تعديلا للقانون يتضمن وضع حدود دنيا وعليا لرواتب منتسبي الحشد وتحديد السن
القانونية للتقاعد إلا أن مجلس النواب أخفق بالتوصل لصيغة توافقية على القانون في
جلسته التي عقدت في الرابع من فبراير الماضي وتم رفعه من جدول الأعمال ما دعا قوى
شيعية لإعلان مقاطعتها لجلسات البرلمان إلى حين إدراج القانون ضمن جدول الأعمال
مرة أخرى.
أما بخصوص قانون المساءلة والعدالة فيذكر أنه في
السادس عشر من نيسان ألفين وثلاثة أصدر الحاكم المدني الأميركي للعراق آنذاك بول
بريمر أحد أولى قراراته بإنشاء هيئة اجتثاث البعث بغرض تطهير أجهزة الدولة
العراقية من قيادات وأعضاء حزب البعث العراقي المنحل .
وفي كانون الثاني ألفين وثمانية أقر
البرلمان العراقي قانون المساءلة والعدالة الذي يقضى بتشكيل هيئة وطنية عليا
للمساءلة والعدالة بدلا من هيئة اجتثاث البعث.
دعوة لحل الخلافات خارج قبة البرلمان
أعرب النائب بالبرلمان العراقي أوميد محمد عن
قلقه بشأن الوضع الحالي للمجلس، مشيرا إلى وجود مشاكل في قانوني الحشد الشعبي
والمساءلة والعدالة.
وأوضح محمد لوكالة فيديو الاخبارية أن الكتلة
الكبيرة داخل مجلس النواب المتمثلة في تحالف الإطار التنسيقي اشترطت لإتمام
الجلسات إضافة فقرة التصويت على قانون الحشد مما انعكس سلبا على أداء المجلس
التشريعي والرقابي وتسبب في حالة من الجمود التام.
ودعا محمد إلى حل هذه الأمور الخلافية خارج قبة
البرلمان والتركيز على تشريع القوانين التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر مؤكدا
على إمكانية تشريع قوانين غير خلافية وإضافتها إلى جداول أعمال المجلس.
وأشار إلى أن إصرار تحالف الإطار التنسيقي على
إضافة فقرة قانون الحشد أدت إلى تعطيل أداء المجلس وجلساته، محملا هيئة الرئاسة
بالبرلمان مسؤولية كبيرة في الفترة المتبقية من عمر البرلمان الحالي، داعيا إلى
وضع جداول أعمال غير خلافية لحين حسم موضوع قانوني الحشد والمساءلة والعدالة خارج
البرلمان.
المساءلة والعدالة من الماضي
من جانب اخر اشترطت بعض القوى السنية حل هيئة
المساءلة والعدالة لانتفاء الحاجة لها وإدراج الصحوات ضمن قانون الحشد الشعبي
لتمريره داخل قبة البرلمان، حيث أكد النائب رعد الدهلكي رئيس تحالف العزم في ديالى
أن هيئة المساءلة والعدالة أصبحت من الماضي .
وأشار الدهلكي في حديث لوكالة فيديو
الإخبارية إلى أن القانون كان انتقاليا وشابته العديد من المشاكل وتم استخدامه في
بعض الأحيان للتسقيط السياسي وأضاف أن إنهاء عمل هيئة المساءلة يمثل خطوة ضرورية
ضمن المصالحة الوطنية وحسم المشاكل السابقة وبشأن قانون الحشد الشعبي.
و شدد الدهلكي على ضرورة إدراج أبناء
الصحوات ضمن القانون معتبرا ذلك مطلبا قانونيا ووطنيا نظرا للدور المميز الذي قامت
به هذه الشريحة في محاربة الإرهاب والحفاظ على الأمن والاستقرار في مناطقها، مشيرا
إلى أن أبناء الصحوات قدموا تضحيات كبيرة وأن إنصافهم ومنحهم الحقوق أسوة بمنتسبي
الحشد الشعبي هو مطلب وطني لا يمكن التنازل عنه.
وانتقد الدهلكي التفاوت الكبير في الرواتب بين
أبناء الصحوات والحشد الشعبي حيث يتقاضى أبناء الصحوات أربعمئة وخمسين ألف دينار
شهريا نحو ثلاثمئة وخمسين دولارا بينما يتقاضى منتسبو الحشد الشعبي مليون وخمسمئة
ألف دينار نحو ألف ومئتين وعشرين دولارا بالإضافة إلى الامتيازات الأخرى، معتبرا
أن ذلك أمر غير منصف.
دعوة لحل البرلمان
من جانبه تحدث النائب حسين السعبري، عن مشكلة
عدم اكتمال النصاب وعدم حضور النواب والجلسات مما يسبب حرجا أمام الجمهور، مطالبا بحل
البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة إذا لم يتمكن من الالتزام بجلساته وإكمال النصاب.
وأشار السعبري لوكالة فيديو الإخبارية
إلى وجود العديد من القوانين المهمة التي يجب المضي بها والتصويت عليها مؤكدا أن
تسبب قانون واحد بهذا الإشكال هو خطأ يسبب حرجا.
السلة الواحدة تعود للواجهة
وفي سياق متصل وصف الباحث السياسي مجاشع التميمي
السلطة التشريعية بأنها مقيدة بشكل كبير لتحالف إدارة الدولة.
وأوضح في حديث لوكالة فيديو الاخبارية أن
التوافقية هذه المرة أخذت شكلا أكثر حدة وقوة مما يشير إلى أن القوى السياسية ستلجأ
مرة أخرى إلى السلة الواحدة حيث تتعطل جميع مهام البرلمان التشريعية والرقابية
والمحاسبية.
وتوقع التميمي أن يلجأ البرلمان إلى تشريع
مجموعة قوانين تشمل قانونا يمثل الأكراد وقضاياهم مثل حلبجة وقانون النفط والغاز
وقانونا ينهي مهام هيئة المساءلة والعدالة بالنسبة للمكون السني وقانون التقاعد
للحشد الشعبي بالنسبة للمكون الشيعي، مشيرا إلى أن القوى السياسية وصلت إلى مرحلة
العجز وبدأت تفكر جديا في مرحلة ما بعد هذه الدورة البرلمانية.
وكان مجلس النواب العراقي قد مرر في الواحد
والعشرين من كانون الثاني الماضي ثلاثة قوانين جدلية دفعة واحدة وهي تعديل قانون الأحوال
الشخصية رقم مئة وثمانية وثمانين لسنة ألف وتسعمئة وتسعة وخمسين والعفو العام
وإعادة العقارات إلى أصحابها بعد خلافات امتدت لأشهر ودفعت إلى إلغاء العديد من
الجلسات نتيجة المشاجرات والسجالات بشأنها