قال تعالى: {وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ
وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ
هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ
الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} سورة البقرة (120)
قد يكون العنوان صادماً لبعض الأخوة الإسلاميين،
الذين فرحوا بانتصار الجولاني وجماعاته الداعشية، ولكن نرجو عدم التسرع والتفكير
في إجابة الأسئلة التالية:
أولا: في الآية الكريمة يؤكد الله جل وعلا وهو
أصدق القائلين، ويحكم وهو أعدل الحاكمين، ويخبر وهو العليم الخبير بأن قوى
الاستكبار ((لن ترضى)) عن أحد حتى يتبع
ملتهم !!!
فيا ترى ما هو سبب رضى تلك القوى الكبرى وعلى
رأسها الشيطان الأكبر (أمريكا) وصنيعتها المجرمة (إسراطيل) عن الجولاني وعصاباته؟؟
ما هو سبب رضى كل تلك القوى عن ((مجرم إرهابي
مطلوب للعدالة الأمريكية)) وقد وضعت جائزة؛ عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات
عنه، رغم أنه كان بأيديهم في سجن بوكا في العراق. ثم بعد وصوله للسلطة في سوريا
يتم الرضا عنه، وترفع الجائزة ويصبح قائدا ومحررا؟!!!
ثانيا: بالأمس حصل اجتماع في بروكسل لدول
الاتحاد الأوروبي حول سوريا، ويرسل وزير خارجية الجولاني ابن خالته الشيباني
برسالة واضحة للغرب والأوروبيين بأن من يهدد السلم الأهلي في سوريا هم (فلول
النظام) و ((مليشيات متمركزة على الحدود في بعض الدول المجاورة)) في إشارة لحزب ا…
في لبنان!!!!
يرسل الشيباني الجولاني تلك الرسالة ويدا نظامه
وعصابات مرتزقته لا زالت تتقاطر منها دماء الأطفال والنساء والشيوخ الذين تمت
تصفيتهم بأبشع صورة في الساحل السوري!!!
وكانت مظاهرات العلويين خارج مقر الاجتماع تصك
أسماع الأوروبيين المجتمعين، والذين ينتفضون شرفاً وانسانيةً لقطة او كلب يقتل في
عالمنا العربي والإسلامي.
ولكن نتيجة الاجتماع كانت تبرع سخي ودعم بقيمة
ملياري يورو ونصف المليار!!!
فيا ترى لو كان نظام الجولاني إسلاميا حقاً فهل
سيحصل على هذا الدعم والتأييد من أولئك الغربيين؟؟؟؟
وها هي غزة تموت قصفا وحصارا ومجاعة وذلك
العالم المنافق المجرم يتفرج على أطفالها وهم يموتون جوعاً وعطشاً؟؟؟
ثالثا: إسراطيل تحتل الجنوب السوري وتقف على
مشارف دمشق، وتتمركز في قمة جبل الشيخ وتبني القواعد (الدائمة) في الأراضي
السورية، والزعيم المحرر الجولاني لم ينبس ببنت شفة، ولم يجرؤ حتى على إصدار بيان
استنكار ضد الاحتلال الصهيوني.
ولكنه في مكان آخر ينتفض بكل شجاعة وشرف ويحرك
(الجيش السوري الجديد) الذي هو عبارة عن عصابات ومرتزقة الجماعات التكفيرية الذين
ألبسهم ملابس الجيش، يحركهم باتجاه الحدود اللبنانية ليحرر مجموعة من الخراف تنازع
عليها عليها رعاة من العشائر الحدودية، ويعلن أنه يريد تحرير بعض القرى الحدودية
التي تحتلها (مليشيات إيران) ويقصد (حزب ا…) الذي اعلن من طرفه انه لا علاقة له
بهذا النزاع!!
يقوم نظام الجولاني بهذه الفتنة والحركة
الاستفزازية في الوقت الذي كان فيه الصهاينة يستعدون للانقضاض على غزة من جديد،
وكأن رعاة الجولاني وأسياده من الأمريكان والصهاينة أرادوا إيصال رسالة للبنان
وللمقاومة الإسلامية في لبنان بالتحديد بأن هناك خنجر في ظهركم هذه المرة لو فكرتم
بالتحرك لدعم غزة!!!
كل هذه المعطيات؛ وغيرها كثير تشير - بل تؤكد -
أن وصول الجولاني وعصاباته لم يكن صدفة ولا اعتباطا، وإنما بترتيب وتوقيت محسوب
لاستكمال المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة من أجل إقامة دولة (إسراطيل) الكبرى من
النيل والفرات.
وهذا يدعم بقوة ما أشرنا إليه بالأمس من
الاحتمالات القوية التالية:
١- أن الجولاني الذي كان معتقلا عند الأمريكان
في سجن (بوكا) في العراق قد تم تجنيده هناك، ثم أطلق سراحه بمسرحية وإدخاله إلى
سوريا قبل بدء الحراك السوري بأيام ليصبح قائداً وزعيما، ويأتيه الدعم المطلق من
كل مكان.
وهنا ملاحظة: أن أكثر خريجي سجن (بوكا) أصبحت
لهم أدوار لاحقا، ولا يسع المجال لإعطاء الأمثلة، بل نكتفي بالجولاني.
٢- أن مهمة الجولاني بعد وصوله للسلطة
تتحدد بجملة من المهمات:
أ- تحييد سوريا وإخراجها من محور المقاومة،
وإدخالها بصورة أو أخرى في محور التطبيع الصهيوأمريكي.
ب- قطع شريان من أهم شرايين دعم المقاومة
الإسلامية في لبنان وفلسطين وتزويدها بالمال والسلاح القادم من إيران.
ج- الموافقة والإشراف على تدمير كل إمكانات
سوريا، وخصوصا الجيش العربي السوري وأسلحته بحيث لا يبقى منها شيء.
د- التعهد بإحداث فتنة طائفية في المنطقة
والعمل على استفزاز (حزب ا…) ومشاغلته
لمنعه من لعب أي دور في دعم غزة، او مهاجمة الكيان الصهيوني.
وكل هذه المهمات تثبتها الأحداث يوماً بعد يوم.
ملاحظة أخيرة:
قد يقول قائل؛ ولكن (إسراطيل) هاجمت نظام
الجولاني، وها هي تقصف معسكرات في درعا وأطراف دمشق.
والجواب:
اولا: هذا القصف يستهدف بقايا مراكز ومعسكرات
النظام السابق، التي لم تدمر في الجولة الاولى، او التي لم تقصف بشكل جيد من قبل.
ثانيا: هذا القصف لم يمس الجولاني وعصاباته
أبدا، وإنما ذهب ضحيته بعض المدنيين الذين كانوا بقرب تلك المراكز.
وأولئك هم أزلام الجولاني في مناطق التماس
يهربون أمام الدبابات الصهيونية كلما تقدمت حتى وصلت إلى مشارف دمشق. فالرجل مهمته
في مكان آخر.
والسلام على من كان له قلب أو ألقى السمع وهو
شهيد !!!!