بينما تجف الأهوار وتزداد ملوحة شط العرب، يطفو على السطح ملف خور عبد الله كأحد
أخطر التحديات التي تواجه السيادة المائية والبيئية للعراق. ففي ظل تراجع مياه
الفرات، يربط مراقبون بين ضعف السيطرة البحرية وتدهور المنظومة البيئية في الجنوب،
حيث يتداخل الجفاف بالسياسة في معركة مفتوحة على أكثر من جبهة .
السوداني متهم بالتفريط بالحقوق المائية
وجه النائب عامر
عبد الجبار، إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بخرق اليمين الدستورية على خلفية
موقفه من اتفاقية خور عبد الله مع الكويت، عبد الجبار قال في تصريح سابق لـ
"وكالة فيديو الاخبارية"، هناك شبهات فساد، تحيط بأتفاقية ميناء خور عبد
التي وصفها بأنها "فاشلة وفاسدة، معربا عن استغرابه من صمت السلطات العليا في البلاد،
قائلاً: "العتب كبير على رئاستي الجمهورية والوزراء لعدم التدخل في حسم هذه
القضية الوطنية الحساسة التي تمس السيادة العراقية".
في الأثناء، حذر النائب ياسر
الحسيني، من خطورة ملف الملاحة في خور عبد الله، مؤكداً أن هذه القضية تؤسس لترسيم
حدود جديدة بين العراق والكويت، بما يضر بالسيادة الوطنية ويهدد المصالح
الاقتصادية للعراق، الحسيني، قال
في تصريح سابق لـ"وكالة فيديو الإخبارية"، إن "الملاحة في خور عبد
الله مسألة خطيرة جداً، وتمثل مدخلاً لترسيم حدود جديد بين العراق والجارة الكويت،
ما يؤدي إلى تجذير الشحناء بين الشعبين العراقي والكويتي"، مضيفا أن "هذا الملف يمهد لهيمنة كويتية على مياهنا
الإقليمية، ويهدد مواردنا الاقتصادية".
حساسية الخور وأهميته
تكمن أهمية خور عبد
الله كونه يقع في أقصى شمال الخليج
العربي، ويمثل ممرًا مائيًا استراتيجيًا يفصل بين شبه جزيرة الفاو العراقية وجزيرة
بوبيان الكويتية. يُعد هذا الخور المنفذ البحري الرئيسي للعراق نحو الخليج، ويمتد
حتى ميناء أم قصر العراقي وميناء مبارك الكبير الكويتي.
اكتسب الخور حساسية
سياسية وجغرافية متزايدة بعد عام 1991، حين أصدرت الأمم المتحدة قرارها رقم 833
الذي نصّ على ترسيم الحدود بين العراق والكويت، بما في ذلك الحدود البحرية داخل
خور عبد الله. وفي عام 2012، وقّع البلدان اتفاقية لتنظيم الملاحة في الخور، وجرى
لاحقًا في 2023 توقيع محضر فني مشترك لتطبيق الاتفاقية، ما أثار جدلًا واسعًا داخل
العراق
قرار المحكمة الاتحادية
أصدرت المحكمة
الاتحادية العراقية في سبتمبر 2023 حكمًا بعدم دستورية اتفاقية تنظيم الملاحة في
خور عبد الله، معتبرة أن مسار التصديق عليها لم يمر بالإجراءات البرلمانية
الصحيحة. لاحقًا، وفي 2025، قدّم رئيسا الجمهورية والوزراء طعنين رسميين لإعادة
النظر بالقرار، في خطوة تشير إلى رغبة حكومية بإعادة التوازن في العلاقات مع
الكويت.
الموقف الكويتي قابل
الحكم القضائي العراقي بالتحفظ، متمسكًا بشرعية الاتفاقيات الدولية وقرارات مجلس
الأمن، بينما لم يُحسم بعد مصير الطعن، بانتظار قرار المحكمة المقرر في يونيو
المقبل.
كتائب حزب الله تدخلت حاسمة القرار
المسؤول الأمني لكتائب حزب الله العراق، أبو علي العسكري، جدد التأكيد بعائدية ميناء
خور عبد الله لمحافظة البصرة تاريخياً، وأن زيارة رئيس النظام السوري، احمد الشرع
"الجولاني"، إلى بغداد مرفوضة بشكل قاطع، العسكري، قال في تدوينة سابقة على منصة
"تليغرام" وتابعتها "وكالة فيديو الإخبارية"، إن "خور
عبد الله جزء من البصرة ولم يكن يوماً تابعاً للكويت"، مضيفاً: "نتمنى
أن يعم الأمن والسلام بين من يقطنون في مناطق الكويت وبين إخوانهم العراقيين".
تهديد النظام البيئي في العراق
يرى خبراء أن أي ضعف
في السيطرة العراقية على خور عبد الله سيفتح الباب أمام تسرب أكبر للمياه المالحة
من الخليج العربي، ما يُفاقم أزمة الملوحة في البصرة ويهدد النظام البيئي في جنوب
العراق، ويجعل من النزاع البحري مسألة متشابكة مع الأمن المائي .
وشهدت بغداد والبصرة
خلال عام 2025 تظاهرات ووقفات احتجاجية رافضة لأي تنازل عن السيادة في خور عبد
الله، واعتبر بعض المتظاهرين أن “الجفاف بدأ من فوق، والسيادة تُسرّب من البحر”.
كما أبدى عدد من النواب اعتراضهم على محاولات إعادة تفعيل الاتفاقية، مطالبين
بتشكيل لجنة سيادية فنية لمراجعة الملف برمته .هذا ويبقى ملف خور عبد
الله نقطة تقاطع بين السيادة والمياه، في بلد يواجه تحديات بيئية وجغرافية معقّدة.
وبين الجفاف والحدود، يظل التفاوض المتوازن الخيار الوحيد لحماية مصالح العراق
واستقراره.