تقاطع الدين والسياسة في المساجد يعيد سؤال عن الصراع المخابراتي داخل الارض العراقية

کاتب ١ 13/09/2025 - 06:57 PM 25 مشاهدة
# #

 حادثة  دامية هزّت الأوساط الدينية والشعبية، تمثلت بمقتل الشيخ عبد الستار القرغولي، إمام وخطيب جامع كريم الناصر في منطقة الدورة جنوبي العاصمة، إثر مشادة اندلعت مع مجموعة من المنتمين إلى تيار “المداخلة” أو “المدخلية” المدعوم من قوى سياسية  سنية نافذة.

  ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام  

الحادثة تحولت إلى قضية رأي عام وفجّرت جدلا واسعا حول مستقبل الخطاب الديني ودور القوى السياسية في تشكيله، وسط دعوات لإصلاح جذري يحصّن مؤسسة الوقف السني من التجاذبات والانقسامات المتصاعدة بين الخنجر والحلبوسي 
وقال رئيس مجلس أئمة وخطباء الأعظمية الشيخ مصطفى البياتي، في بيان  وكالة فيديو  إن “الحادث الذي حصل ينبغي على كل العراقيين أن يقفوا عنده، الشيخ القرغولي عالم من علماء بغداد، وهو مؤهل وحاصل على شهادة الإمامة والخطابة من قبل الوقف السني”.
وأوضح، أن “الشيخ وهو يؤدي مهامه الموكلة إليه من قبل الوقف السني، تفاجأ بشخص بلطجي ومنحرف ومعه عصابة بحسب ما تحدث به أهل المنطقة يتكونون من 30 فردا وكلهم من خارج المنطقة، بعضهم من أبو غريب، وقاموا بالاعتداء على الشيخ القرغولي ومنعوه من خطبة الجمعة. ونتيجة الضرب والاعتداء عليه، وهو يعاني من مرض قلبي مزمن، تعرض لحظتها إلى أزمة قلبية ما أدى إلى وفاته”.
ولفت البياتي إلى أن “هؤلاء البلطجية وإمامهم البلطجي، مدعومون من جهات سياسية سنية ، وسبق أن حذرنا من هؤلاء البلطجية، وهم مفاقس لداعش، هؤلاء هم من يكفرون الناس وهم حواضن لداعش”.
وأشار إلى أنه “قبل شهرين أصدر الأمن القومي أمر بمنع هؤلاء من ممارس أي نشاط أو عمل داخل المساجد، لكن بعض الجهات السياسية المصلحية تدخلوا وتوسطوا لمصالح انتخابية، وأوقفوا الكتاب، وأقول لهم هذه نتيجة وساطاتكم واعتراضاتكم، هؤلاء اليوم السفلة اقتحموا المساجد”.
واتهم “تيار المداخلة بالقيام بهذا الفعل والاعتداء. هؤلاء مرتبطون خارجيا وأن لم يوقفوا بالقانون سيذهبون إلى أبعد من ذلك، وهم منبوذون من قبل جميع المذاهب، لأنهم فئة منحرفة تبدع وتجرح بما تشتهي وبما ترى”.


يُعرف هذا التيار بعدة تسميات، أبرزها “المداخلة” أو “التيار المدخلي” أو “المدخلية”، نسبة إلى الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، المولود في السعودية عام 1932، كما يُعرفون أيضا بـ”الجامية” نسبة إلى محمد أمان الجامي (1931 – 1996) ذي الأصل الإثيوبي، وهو أستاذ المدخلي وأحد أبرز المؤثرين في صياغة توجهاتهم الفكرية.
وفي العراق، برز حضور هذا التيار خلال السنوات الأخيرة عبر نشاط بعض أئمة المساجد وخطباء الجوامع، حيث ارتبط اسمه بمحاولات التأثير في الخطاب الديني السني، وسط اتهامات بأنه يشكل امتداداً لأجندات سياسية خارجية، وأنه يسهم في تعميق الانقسام داخل المجتمع الديني، لا سيما في بغداد ومحافظات غرب البلاد.
ووجه الشيخ البياتي كلامه إلى “السياسيين الذين يقفون خلف هؤلاء وبالتحديد في أبو غريب، إذا ما نأوا عن أنفسهم، سأقوم أنا ومن معي بمؤتمرات صحفية وسنفضحكم، أنتم فاسدون أصلاً”.
ويرى مراقبون أن “اغتيال القرغولي لا يقتصر على كونه حادثا فرديا، بل يشير إلى أزمة أعمق في العلاقة بين المرجعيات الدينية السنية والقوى السياسية، ويكشف هشاشة التوازن داخل المجتمع السني في ظل صراع النفوذ المتصاعد”.
إلى ذلك، قال رئيس جماعة علماء ومثقفي العراق خالد الملا، في تدوينة له على منصة (إكس)، إن “ماحدث للشيخ عبدالستار القرغولي (رحمَهُ الله) حذرنا منه و منذ سنوات ولكن لم نجد له أذنا واعية بل العكس راحت المؤسسة الدينية لتتخبط في قرارتها مستغلة ثقة الحكومة والأجهزة الأمنية”.
وأكد أنه “لابد من إصلاح في جوهر المؤسسة الدينية وعلى وجه الفور والسرعة كي تتوقف عن تخبطها وايذائها لبيوت الله والعاملين فيه فما ينتظرنا ينبىءُ بخطر شديد”.
من جهتها، اعتبرت عضو لجنة الأوقاف النيابية نهال الشمري في بيان اطلعت عليه “العالم الجديد”، أن “هذه الجريمة المروعة هي نتيجة طبيعية لسوء الإدارة المتعمدة من قبل رئيس الوقف السني الذي لم يكتفِ بتقـاعسه عن واجبه، بل أسهم بدعمه لجهات غير معتدلة في خلق بيئة من الفتنة والانقسام حول بيوت الله”.
وطالبت الشمري “رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بالتدخل الشخصي والعاجل لإنقاذ مؤسسة الوقف السني من براثن الفساد والإدارة المتعثرة، وإقالة رئيس الوقف السني فورا وتشكيل لجنة تحقيقية تحت إشراف رئاسة الوزراء، وتوجيه الأجهزة الأمنية والقضائية لكشف كل الملابسات والخلفيات وتقديم الجناة للعدالة، فضلا تطهير مؤسسة الوقف من العناصر والجهات المتطرفة التي تعمل على تشويه صورة الإسلام، وضمان حماية كافية لأئمة المساجد وخطبائها”.
وكانت وزارة الداخلية العراقية، قد أعلنت أمس الجمعة، فتح تحقيق في حادث وفاة إمام وخطيب جامع جنوب بغداد.
وذكرت الوزارة في بيان اطلعت عليه  وكالة فيدو  أن “الجهات المختصة في وزارة الداخلية العراقية فتحت تحقيقا في حادث وفاة (الشيخ عبد الكريم القرغولي) إمام وخطيب جامع كريم الناصر في منطقة الدورة جنوب العاصمة بغداد”.
كذلك وجّه رئيس الوزراء، بتشكيل لجنة تحقيق في وفاة الشيخ، حيث ذكر بيان لخلية الإعلام الأمني، أنه “بتوجيه من رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، محمد شياع السوداني، تم تشكيل لجنة تحقيقية برئاسة قيادة عمليات بغداد وعضوية وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني، للتحقيق في ملابسات وفاة الإمام والخطيب الشيخ عبد الستار القرغولي”.
 وكانت مصادر مطلعة، قد كشفت عن تفاصيل الحادثة، مبينة أن “مشادة كلامية حصلت بين المتوفي (الذي يعاني من أمراض قلبية) مع الإمام والمؤذن السابقين”، لافتة إلى أن سبب الخلاف بينهم يعود إلى “قرار تبديل إمام وخطيب الجامع”.
وأضافت، أن “قوة امنية تحفظت على الإمام والمؤذن السابقين كإجراء أصولي”، مبينة أن “مشادة كلامية بين مجموعة من المصلين لم تعرف أسبابها، مع إمام جامع وخطيب لمنعه من إلقاء خطبة ضمن منطقة الدورة، أسفرت عن وفاة الخطيب بسكته قلبية”.
ونقلا عن شهود عيان، فإن الشيخ المعروف باسم “أبو مصطفى” اعتاد الحضور إلى المسجد منذ ساعات الصباح الأولى، بحيث يصل عادة بين التاسعة والعاشرة ويدخل غرفته المخصّصة قبل بدء صلاة الجمعة. 
وأضاف الشهود، أن “قرابة 75 شخصا، دخلوا المسجد، قبل الأذان بقرابة خمس دقائق. دخل شخصان إلى غرفة الشيخ القرغولي، وسمع المصلون صوته وهو يصرخ: “عوفوني”، من دون أن يتمكن أحد من معرفة تفاصيل ما جرى 

حقوق الطبع والنشر © Video IQ