Weather Data Source: 30 days weather Baghdad
بغداد
عاجل

ترامب يتبجح بعدوانه فليدفع الثمن

#
كاتب 3
8/11/2025 | 04:15 PM

بقلم:  الباحث في العلاقات الدولية والدبلوماسي السابق د.رعدهادي جبارة

بعد انتهاء ما عُرف بـ«حرب الاثني عشر يومًا» بين إيران والولايات المتحدة (وبمشاركة إسرائيل)، اعترفت القيادة الأمريكية علنًا بأنها هي التي أمرت بشنّ الهجمات الجوية على المنشآت النووية الإيرانية وقامت بقيادتها وتوجيهها و تزويد الكيان بالأسلحة اللازمة لشن الهجمات على ايران.
وبالأمس -أيضاً- صدرت تصريحات رسمية من الرئيس الأمريكي بمسؤوليته الكاملة عن الهجوم الصهيوني وقيادته له شخصيا.
و سبق ان قال مسؤولون في وزارة الدفاع (البنتاغون) إن القوات الأمريكية استخدمت طائرات من طراز F-35 وB-52، إضافة إلى قنابل خارقة للتحصينات، لضرب منشآت نووية إيرانية تحت الأرض مثل موقعي نطنز وفوردو ، وغيرهما.
والرئيس الأمريكي نفسه تفاخر في أكثر من مناسبة بأن هذه العملية كانت "ضرورية" — حسب زعمه — لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، ووصفها بأنها "ضربة ناجحة ودقيقة" أعادت البرنامج النووي الإيراني سنوات إلى الوراء!.

من الناحية القانونية، فإن هذا الاعتراف العلني يعني أن الولايات المتحدة تتحمّل المسؤولية الكاملة عن العملية العسكرية والعدوان المتعمد على منشآت مدنية. ومع ذلك، حاولت واشنطن تبرير القصف بأنه دفاع وقائي ضد "تهديد وشيك"!!
لكن هذا التبرير مرفوض في القانون الدولي، لأن المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة لا تجيز استخدام القوة إلا إذا تعرّضت الدولة لهجوم مسلح فعلي من دولة أخرى، أو حصلت على تفويض صريح من مجلس الأمن ، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة.
لذلك؛ يُعدّ القصف الأمريكي لإيران عملاً عدوانياً غير مشروع ضد سيادة دولة مستقلة عضو في الأمم المتحدة، وانتهاكاً صريحاً للمادة (2/4) من الميثاق التي تحظر استخدام القوة في العلاقات الدولية.

أما من جانب إيران، فقد ردّت دبلوماسيًّا على هذا العدوان بتقديم شكاوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، طالبةً الاعتراف بالولايات المتحدة وإسرائيل كمعتديتين في النزاع الأخير. كما دعت طهران إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن لمناقشة "العدوان العسكري المنسّق" ضد أراضيها. وقد عقد المجلس -سابقا-فعلاً جلسة طارئة بناء على الطلب الإيراني، ناقش خلالها الوضع الأمني في المنطقة.
ولكن لم يصدر مجلس الأمن الدولي أي قرار ملزم يدين الولايات المتحدة أو يفرض عليها تعويضات ، لأن واشنطن - باعتبارها عضواً دائماً في المجلس- استخدمت حق النقض (الفيتو) لمنع أي إدانة مباشرة. وبالتالي، بقيت القضية في الإطار السياسي والدبلوماسي دون نتائج قانونية عملية، رغم أن الأدلة والاعترافات العلنية الأمريكية تُعدّ قوية من منظور القانون الدولي.

وبناءً على ذلك؛ يمكن القول إن الولايات المتحدة اعترفت علنًا بالقصف، وأن هذا الفعل غير مشروع قانونياً بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وأن إيران ردّت دبلوماسيًّا دون أن تحصل حتى الآن على قرار أممي ملزم بسبب النفوذ الأمريكي داخل مجلس الأمن.
ويوم السبت ٨نوفمبر-تشرين٢ وجهت إيران رسالة رسمية للرئيس الدوري لمجلس الأمن بشأن اعتراف ترامب عن مسؤوليته الكاملة وقيادته المباشرة للهجوم الجوي الأمريكي -الإسرائيلي على إيران جاء في جانب منها:
[أود أن ألفت انتباهكم وأعضاء مجلس الأمن إلى التصريحات الأخيرة لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية، التي أقر فيها صراحةً و علنًا بقيادة الولايات المتحدة و مسؤوليتها عن العدوان والحرب الإجرامية التي شنّها النظام الصهيوني على جمهورية إيران الإسلامية لمدة 12 يومًا في الفترة من 13 إلى 24 يونيو/حزيران 2025. وفي يوم الخميس، 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، صرّح ترامب للصحفيين: "شنّت إسرائيل الهجوم الأول. كان هجومًا قويًا للغاية. لقد أمرتُ به شخصيًا. عندما شنّت إسرائيل الهجوم الأول على إيران، كان يومًا عظيمًا لها، لأن هذا الهجوم تسبب في أضرار تفوق جميع الهجمات الأخرى مجتمعة".
هذه التصريحات دليلٌ واضحٌ لا يُنكَر على المشاركة المباشرة و القيادة والمسؤولية الكاملة للقيادة الأمريكية في تخطيط وتوجيه وتسهيل العدوان العسكري غير القانوني للنظام الصهيوني. هذه الاعتداءات الإجرامية، التي تُشكل انتهاكًا صارخًا وخطيرًا للمادة الثانية- الفقرة الرابعة، من ميثاق الأمم المتحدة، والمبادئ الآمرة التي تحظر التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد الدول ذات السيادة، و القانون الإنساني الدولي، أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا المدنيين، و تدمير البنية التحتية المدنية، وألحقت أضرارًا جسيمة بالمنشآت النووية السلمية والمحمية في إيران.
علاوة على ذلك، فإن اعتراف الرئيس الأمريكي الصريح بالدور القيادي لبلاده ومشاركتها المباشرة في العدوان العسكري للنظام الصهيوني ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ اليوم الأول يكشف بوضوح و بشكل لا لبس فيه عن بطلان التصريحات السابقة لوزير الخارجية الأمريكي في 13 يونيو 2025 ؛ التي ادعى فيها ماركو روبيو زوراً: "نحن لسنا متورطين في الهجمات ضد إيران و أولويتنا الرئيسية هي الحفاظ على أمن القوات الأمريكية في المنطقة".
وحيث إن هذا الاعتراف الإجرامي الصادر عن أعلى سلطة في الولايات المتحدة يُعد دليلاً واضحاً و ملزماً قانونياً لا يمكن إنكاره عن المسؤولية الدولية للولايات المتحدة وذنبها عن هذه الأعمال العدوانية، فإن الولايات المتحدة والنظام الصهيوني يتحملان المسؤولية الكاملة و المشتركة عن عدوانهما وعواقبه، بما في ذلك قتل الأبرياء، و التدمير الواسع النطاق للممتلكات والبنية التحتية المدنية، و الاستهداف المتعمد للمنشآت النووية السلمية الخاضعة للرقابة الدولية. وهذا يؤكد أيضاً الحق الأصيل والسيادي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في استخدام جميع القنوات القانونية الدولية المتاحة لضمان المساءلة الكاملة للولايات المتحدة و مسؤوليها والمطالبة بتعويض كامل عن الأضرار، بما في ذلك التعويض وفقاً للقانون الدولي عن الأرواح التي أُزهقت والجرحى و جميع الخسائر والأضرار التي لحقت بالجمهورية الإسلامية الإيرانية وشعبها].وطلب السفير أمير سعيدايرواني من رئيس مجلس الامن توزيع هذه الرسالة باعتبارها وثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن

وسنناقش لاحقاً الإجراءات والخطوات العملية الممكن اتخاذها من قبل طهران لإجبار البيت الأبيض الأسود على دفع حقوق ضحايا العدوان الغادر والأضرار التي لحقت بالمنشآت المدنية.

ختاماً؛إن ترامب الذي يتبجّح بعدوانه و يتفاخر بغدره عليه أن يدفع الثمن باهضاً.
{وَلَتعلَمُنَّ نَبأَهُ بعد حين}
[سورةص:88]