تراجع الدين العام العراقي.. هل يشير لنهضة اقتصادية
بدأت الحكومة العراقية، بخطوات لتقليص الدين الداخلي البالغ 85 ترليون دينار، والخارجي 54 مليار دولار، عبر خطة تعتمد على مزيج من الترشيد والسداد والهيكلة وتوسيع الإيرادات، فيما يتم التركيز بشكل خاص على الاقتراض المنتج فقط بدلاً من الاقتراض غير الفعال.
ونتيجة لهذه الاستراتيجية، أظهرت إحصائية للبنك المركزي العراقي اطلعت عليها وكالة ( فيديو الاخبارية )انخفاض الدين العام الداخلي في نهاية شهر نيسان/أبريل من العام الجاري ليبلغ 85 ترليوناً و503 مليارات دينار عراقي، منخفضاً عن شهر آذار/مارس الذي بلغ 85 ترليوناً و536 مليار دينار.
وأشارت الإحصائية الرسمية إلى أن الانخفاض جاء نتيجة تسديد قروض المؤسسات المالية لتبلغ 19 ترليوناً و119 مليار دولار بعد أن كانت 19 ترليوناً و152 مليار دولار.
وأوضحت الديون المتبقية هي بذمة وزارة المالية البالغة 756 مليار دينار، وديون الحوالات الخزينة لدى البنك المركزي والمصارف التجارية البالغة 51 ترليوناً و30 مليار دينار، إضافة إلى حوالات خزينة على حساب وزارة المالية بمقدار ترليونين، و30 مليار دينار وديون الأجل الوطنية مستحقات الفلاحين بمقدار 12 ترليوناً و568 مليار دولار.
أما الديون الخارجية فقد كشفت إحصائية رسمية للبنك المركزي العراقي في 14 حزيران/يونيو الماضي، اطلعت عليها وكالة شفق نيوز، أن حجم الديون المترتبة على العراق في العام 2024 بلغت 54 ملياراً و601 مليون دولار منخفضة بنسبة 2.94 % مقارنة بعام 2023، التي بلغت الديون فيها 56 ملياراً و207 ملايين دولار.
ويوضح مختصون بالشأن المالي والاقتصادي، أن الديون الخارجية الواجبة الدفع خلال السنوات الأربع المقبلة هي بنحو 9 مليارات دولاروهناك ديون خارجية بمبلغ مماثل تمتد لسنوات أطول تخص قروضاً طويلة الأجل من صناديق دولية لإعمار المناطق المحررة بالغالب.
وأكد المختصون ان نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي هو في النطاق الآمن لا يتعدى 8% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يجعل العراق ضمن التصنيف الائتماني العالمي المريح والقليل المخاطر.
ويشير المختصون إلى أن العراق يمتلك موارد متنوعة يمكن استثمارها بشكل يؤدي إلى تصفير هذه الديون، مما يساهم في تعظيم الثقة في الاقتصاد الوطني وتحسين نظرة البيئة الاستثمارية الدولية للاقتصاد العراقي.
ويوضح المختصون، أنه كلما تقللت أعباء الفوائد وتصفرت الديون الداخلية والخارجية كلما اطمأن المستثمرون بأن العراق قادر على تغطية تكاليف الاستثمار، وأن اعطاء العوائد المناسبة لتلك الاستثمارات سيقود بلا شك إلى تنويع مصادر الاقتصاد الوطني، خاصة وأن هناك حاجة إلى ألف مشروع استراتيجي في قطاعات الغذاء والطاقة والنقل وغيرها.
ويقول مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح في تصريح صحفي تابعته وكالة ( فيديو الاخبارية )إن متلازمة انخفاض معدلات نمو الدين العام أو الحكومي مع انخفاض النمو في العجز السنوي في الموازنة يعد اتجاهاً يشكل واحداً من مقومات نجاح ومتانة السياسة المالية للبلاد ويطلق عليه بـ(التعزيز المالي) وهو هدف جوهري من أهداف البرنامج الحكومي، ويؤشر بلا شك التحول نحو تلازم جوهري آخر، وهو تلاحم الاستدامة المالية مع التنمية المستدامة"، بحسب صالح.
واضاف ان هذه النهضة في إدارة الموارد المالية العامة ستقود بلا شك إلى تنويع مصادر الاقتصاد الوطني وتحريك مفاصل النمو في أكثر من قطاع اقتصادي ضامن لرفاهية المجتمع العراقي ومستقبل التنمية فيه.
واوضح ان الديون انخفضت وقل الاعتماد على الدائنين بكل مصادرهم ولاسيما الدين الخارجي منه مما يقود إلى زيادة مرونة الحكومة في رسم السياسات النقدية والمالية بعيداً عن شروط الدول والمؤسسات الخارجية المانحة للديون.
ويتابع فضلاً عن تعظيم الثقة في الاقتصاد الوطني ويشكل نقطة جذب ومناخ أعمال أفضل للمستثمرين ذلك لانخفاض مخاطر الاقتصاد، ويؤدي في الوقت نفسه إلى تحسين التصنيف الائتماني للبلاد.
أما على صعيد الدين العام الداخلي، فأنه وفق صالح يؤدي إلى تخفيف الضغط على التمويل المصرفي لكي تتفرغ المصارف إلى منح القروض إلى القطاع الخاص، فضلاً عن انخفاض التنافس بين الحكومة والسوق على سعر الفائدة.
ويوضح غالباً ما ترتفع الفائدة المصرفية المتاحة للقطاع الخاص مع ارتفاع الديون السيادية المحلية بسبب عامل الضغط على السيولة والائتمان المصرفي، وهو ما يسمى (بالإزاحة - وهي ظاهرة تحدث عندما يؤدي الإنفاق الحكومي من خلال الدين أو الاقتراض العام الكبير إلى تقليص أو (إزاحة) الاستثمار أو الإنفاق الخاص في الاقتصاد).
ويؤكد صالح أن انخفاض ما تخصصه الحكومة من موازنتها للفوائد وسداد الأقساط، سيحرر بلا شك موارد إضافية للإنفاق على البنية التحتية، والتعليم، والصحة وغيرها، في برامج تحافظ على الإنفاق المنضبط (غير التقشفي) ويتناسب ومبادئ الحوكمة المالية في البرنامج الحكومي وخطة التنمية الوطنية 2024-2028.