في الثاني من آب/أغسطس عام 1990، اجتاحت القوات العراقية دولة الكويت في عملية عسكرية مفاجئة، لتبدأ واحدة من أكثر الأزمات تعقيدًا في الشرق الأوسط الحديث.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
هذا الغزو لم يكن مجرد قرار داخلي من القيادة العراقية، بل تشير كثير من التحليلات إلى دفع غير مباشر من الغرب والولايات المتحدة الأمريكية لصدام حسين نحو هذه الخطوة الكارثية. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن حماقة صدام حسين، وغطرسة نظامه الاستبدادي، كانت من الأسباب الرئيسية التي دفعت بالعراق إلى هاوية الانهيار، ما أدى إلى تدمير الاقتصاد، تفكيك الدولة، وإغراق الشعب في عقود من المعاناة والدمار.
خلفيات الغزو: كيف بدأت الأزمة؟
بعد نهاية حرب إيران–العراق (1980–1988)، خرج العراق من الحرب منهكًا اقتصاديًا وعسكريًا، ومثقلًا بديون تفوق 80 مليار دولار، كان جزء كبير منها لدول الخليج، وعلى رأسها الكويت والسعودية.
لكن بدلًا من اتباع أساليب دبلوماسية لحل الأزمة، اختار صدام المجرم المواجهة والتصعيد، متهمًا الكويت بالتالي:
1. إغراق سوق النفط: حيث زادت الكويت من إنتاجها النفطي، مما ساهم في انخفاض أسعار النفط عالميًا، الأمر الذي حرم العراق من إيرادات حيوية.
2. التحكم في حقل الرميلة: اتهم العراق الكويت بـ”سرقة النفط العراقي” عبر الحفر المائل.
3. رفض شطب الديون: لم توافق الكويت على إسقاط الديون، رغم أن العراق اعتبرها ثمناً لحماية الخليج.
دور أمريكا والغرب: صمت مريب وتشجيع غير مباشر
• دبلوماسيًا: السفيرة الأمريكية في بغداد، “أبريل غلاسبي”، أبلغت صدام أن واشنطن “لا تتدخل في النزاعات الحدودية العربية”، ما فسّره على أنه ضوء أخضر.
• سياسيًا: تجاهل غربي متعمد لتحركات العراق قبل الغزو.
• استراتيجيًا: الغرب أراد استدراج النظام العراقي إلى خطأ فادح يبرر لاحقًا التدخل العسكري وتثبيت الوجود الأمريكي في الخليج.
لكن الخطأ الأكبر لم يكن في المؤامرة فقط، بل في سذاجة وغرور النظام البعثي بقيادة صدام اللعين، الذي تصرف بانفعال واندفع بقرارات ارتجالية، غير مدروسة العواقب.
نتائج الغزو على العراق
1. الخسائر الاقتصادية:
• تجميد الأصول العراقية في الخارج.
• فرض عقوبات دولية خانقة.
• انهيار قيمة العملة وغياب الاستثمارات.
• كلفة الحرب والغزو والدمار تجاوزت مئات المليارات.
2. الدمار الاجتماعي والإنساني:
• تدمير البنية التحتية في حرب الخليج الثانية.
• حصار اقتصادي قاتل امتد 13 عامًا.
• وفاة مئات آلاف الأطفال بسبب نقص الغذاء والدواء.
• تآكل التعليم والصحة وهجرة الكفاءات.
كل ذلك كان نتيجة مباشرة لقرارات رعناء اتخذها صدام حسين وحاشيته، دون مراعاة لمصير الشعب العراقي، الذي دفع الثمن كاملاً.
كيف خسرت الكويت العراق؟
• العراق رأى الكويت شريكًا في الحرب ضد إيران، وكان ينتظر منها وقوفًا سياسيًا واقتصاديًا.
• لكنه فوجئ بسياسات كويتية زادت من أزمته، من وجهة نظر بغداد.
• ومع ذلك، فإن الرد بالغزو كان جريمة لا تُغتفر، وقرارًا أهوجًا اتخذه نظام مهووس بالعظمة، ومهووس بالقوة
خلاصة وتقييم بعد 35 عامًا على الغزو
في ذكرى 2 آب/أغسطس 1990، يمكن القول بوضوح:
• العراق وقع بين فكّي مؤامرة دولية من جهة، وحماقة قيادته المجرمة من جهة أخرى.
• الولايات المتحدة والغرب استخدموا الغزو كذريعة لإعادة رسم خريطة النفوذ في الشرق الأوسط.
• صدام حسين ونظامه مسؤولون بشكل مباشر عن تمكين الأعداء من تدمير العراق.
• الشعب العراقي تحمّل نتائج قرارات لم يكن له فيها أي رأي، وبقي لسنوات