يصيب هذا المرض 200 من سكان طهران كل ليلة، تُعد السكتة الدماغية السبب الأكثر شيوعا للإعاقة في المجتمع، ويمكن أن يُسبب تأخير نقل المريض إلى مركز طبي ولو لثانية واحدة ضررا لا يُمكن إصلاحه، في قلب العاصمة طهران، حيث تتسارع نبضات الحياة مع إيقاع المدينة اللا نهائي، يتربص “القاتل الصامت” بلا رحمة.
ليصلك
المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
كل ليلة، وتحديدا بين غروب الشمس وفجر اليوم التالي، يسقط ما بين 150 إلى 200 مواطن طهراني فريسة للسكتة الدماغية – تلك الضربة الخاطفة التي تحول الأصحاء إلى معاقين أو أموات في غمضة عين، واقع يومي أكده إحسان شريفي بور، أمين عام جمعية السكتة الدماغية الإيرانية: “إنها ثاني أكبر سبب للوفاة في إيران”، يحذر شريفي بور، مضيفا: “كل دقيقة تأخير تعني تدمير ملايين الخلايا العصبية إلى الأبد!”.
في اليوم العالمي للسكتة الدماغية، يُسجّل الآلاف من الإيرانيين سنويا إصابات بالمرض الذي يُشكّل عبئا طبيا وماليا ونفسيا على الأفراد والمجتمع.
كيف تحدث؟
السكتة الدماغية تحدث إمّا بتمزّق أحد الأوعية الدموية في الدماغ مسببا نزيفا، أو بانسداد يقطع تدفق الدم إلى جزء منه، وفي كلتا الحالتين، يُحرم النسيج الدماغي من الأكسجين المنقول عبر خلايا الدم الحمراء والهيموجلوبين، مما يؤدي إلى موت الخلايا خلال دقائق وفقدان الوظائف التي يتحكم بها الجزء المتضرر، ويؤكد الأطباء أن السكتة حالة طارئة تتطلب نقل المريض فورا إلى المستشفى عند ملاحظة أي من الأعراض الأولية، مثل ضعف مفاجئ في الوجه أو الذراع أو اضطراب الكلام.
الوباء اليومي: 200 إصابة ليلية
كل 24 ساعة في إيران، ينهار 200 جندي في مواجهة عدو غير مرئي، يروي شريفي بور القصة بتفاصيل حزينة: “في طهران وحدها، يتراوح عدد الإصابات اليومية بين 150 و200 حالة، معظمها ليلا عندما يغفل الجسم عن الحذر”، هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات؛ إنها قصص حياة مقطوعة، عائلات مفككة، وأحلام مدمرة.
ويضيف: “بدون رفع الوعي وإعطاء الأولوية من وزارة الصحة، سنغرق في بحر من الإعاقات والوفيات!” لكن الرعب لا يتوقف هنا، نظام الطوارئ 115 يقف كبطل في الظلال، جاهزا للإنقاذ السريع، “لا تترددوا! كل دقيقة تمر تذبح ملايين الخلايا العصبية دون رجعة”، يصرخ شريفي بور، مستخدما استعارة حية تجعل الدم يتجمد في العروق.
إيران تتقدم عالميا… لكن بثمن مرعب
في مفاجأة صادمة، يكشف شريفي بور أن معدل الإصابة السنوي في إيران يبلغ 150 حالة لكل 100 ألف شخص – أعلى بنسبة 50% من المتوسط العالمي! ومع أمراض القلب، يشكلان أكثر من نصف الوفيات الوطنية، “تصوير الدماغ لا يتنبأ مسبقا”، يوضح، مضيفاً تفصيلاً جديداً: “نحن من أفضل 10 دول عالمياً في العلاج، لكن الوقت هو العدو الأكبر – 6 إلى 24 ساعة هي النافذة الذهبية!” والأكثر خطورة أن عمر الإصابة في إيران أقل بعشر سنوات من العالمي (60 عاماً مقابل 70). “والأمر يزداد سوءاً مع تناقص العمر!”، يحذر شريفي بور وبدون علاج فوري، يموت 30% في الشهر الأول لكن مع السرعة، تنخفض الوفيات والإعاقات بشكل مذهل.
تخيّل لو أن السكتة الدماغية في إيران زائر سنوي يطرق أبواب 150 شخصًا من كل 100 ألف! هذا ما كشفته دراستان كبيرتان متطابقتان رغم فارق عشر سنوات بينهما، هذا الرقم أعلى بنحو 1.5 مرة من المتوسط العالمي – كأن إيران تسابق الزمن في سباق غير مرغوب! لكن الصدمة الحقيقية في العمر: في العالم، تُصيب السكتة معظم الناس بين 75 و80 عاما، أما في إيران فتبدأ المتاعب مبكرا، بين 65 و70 عاما فقط – أقل بعشر سنوات كاملة! يقول أستاذ في جامعة شهيد بهشتي الطبية: “فارق 10 سنوات مثير للقلق، يحتاج إلى جهد وطني من الأطباء لإنقاذ الأجيال الشابة”.
الإنقاذ الفوري
“في غرفة الطوارئ، يجب التصوير الفوري والعلاج المذيب للجلطات”، يؤكد شريفي بور، الأدوية مستوردة من أوروبا، وشركة محلية تسعى للإنتاج، مضيفا أن “العلاج في المرحلة الحادة يشبه إزالة قنبلة موقوتة – كل دقيقة مبكرة تقلل الإعاقة بنسبة هائلة!” لكن التحديات تلوح: معدات استئصال الخثرة غير كافية، والأدوية جزئياً غير مؤمنة، وتتمثل عوامل الخطر في: الذكورة، تقدم العمر فوق الـ 50، التاريخ العائلي، بعض الأعراق، انخفاض وزن الولادة، وعوامل أخرى قابلة للتعديل: ارتفاع الضغط، السكري، الدهون، الخمول، السمنة، سوء التغذية، التدخين، الأفيون.. والوقاية البسيطة؟ “150 دقيقة رياضة أسبوعيا – درعك ضد العدو الخفي!”.
مع خطوات لإعادة التأهيل اتخذت، لكن التكاليف (علاج طبيعي، نطق، بلع، نفسي) تقع على عاتق المريض، “وثيقة وطنية موجودة، لكن البيروقراطية تحولها إلى ورقة ميتة”، يشكو شريفي بور، مضيفا صورة حية: “المريض يخرج من المستشفى كجريح مهمل، يواجه التهابات ووحدات رعاية خاصة غير متوفرة”، وبحسب أمين عام الجمعية الإيرانية للسكتة الدماغية إذا لم يتم رفع الوعي حول المرض وفشلت وزارة الصحة في تحديد أولويات الأمراض، فسنواجه مشاكل في مجال الإصابة بالسكتة الدماغية وعلاجها.
صافرة الإنذار الأخيرة
يقول باباك زماني، رئيس الجمعية: “السكتة الدماغية مقياس جودة النظام الصحي – إذا فشلنا هنا، نشكك في كل شيء!” يفضح المفاهيم الخاطئة: “وخز الأصابع بإبرة؟ خرافة! تدليك الدماغ للصرع، لا للسكتة!” وأضاف: “يهدف نظام الطوارئ 115 إلى تقديم خدمة سريعة لمرضى السكتة الدماغية، وفي حال ملاحظة أعراض السكتة الدماغية، لا ينبغي أن يكون هناك أي تأخير، لأن كل دقيقة تُدمر عددا كبيرا من الخلايا العصبية بشكل لا رجعة فيه”.
وأشار باباك زماني إلى أهمية السرعة في علاج مرضى السكتة الدماغية، واعتبر أن الوقت الأمثل لعلاج السكتة الدماغية محدود، قائلاً: “في الماضي، كان يُعتقد أن لدينا حوالي أربع ساعات ونصف للعلاج، لكن الأبحاث الجديدة تُظهر أن كل دقيقة تأخير يمكن أن تؤثر على نتيجة العلاج”.
وأكد خبراء طبيون أن النوبات القلبية تحظى بدعم أكبر من وحدات العناية المركزة مقارنة بالسكتات الدماغية، التي تعاني من إهمال واضح في المنشآت الطبية، وأشاروا إلى أن “في الساعات الأولى من السكتة، يتعافى اثنان من كل ثلاثة مرضى تعافياً كاملاً إذا تلقوا العلاج السريع”.
وفيما يتعلق بإعادة التأهيل، أوضح الخبراء أن النموذج العالمي يعتمد على نقل المريض من المستشفى إلى مركز متخصص، بينما في إيران يتم إخراج المرضى مباشرة إلى المنازل، واصفين ذلك بـ”كارثة طبية”.
مفاجأة إيجابية في بعض المحافظات
كشفت التقارير عن تحسن ملحوظ في علاج السكتات الدماغية بمحافظات كرمانشاه وزنجان وتبريز، بفضل انخفاض الكثافة السكانية وتوافر المستشفيات الحكومية، أما في طهران، فيفتقر القطاع الخاص إلى المعدات المتطورة، ويُقتصر برنامج “724” للطوارئ السريعة (نقل المريض مباشرة إلى المستشفى) على المنشآت الحكومية فقط.
برنامج طوارئ
أبرز الخبراء دواء “تيناكت بلس” الحديث لعلاج السكتات، الذي يبلغ سعر الوحدة 190 مليون ريال، ما يعادل 452 دولارا أمريكيا ولا يغطيه التأمين، مشيرين إلى أنه يقلل الآثار الجانبية بشكل كبير. وشددوا على ضرورة معاقبة ممارسات مثل “العلق والخرافات” التي تعيق العلاج العلمي.
واختتم حسن نوري ساري، نائب التعليم في منظمة الطوارئ، تصريحاته قائلاً: “التغيرات العالمية في علاج السكتات تتسارع، ويجب على إيران أن تسابق الزمن لمواكبتها”، وأوضح الأعراض السريعة باختصار “FAST” الموسع: اضطراب التوازن، اضطراب الرؤية، ارتخاء الوجه، ضعف جانب واحد من الجسم، وصعوبة الكلام، محذراً من أن “كل ثانية تأخير كارثة”.
برنامج “724” لمكافحة السكتة الدماغية
أعلن مسؤولون في منظمة الطوارئ الإيرانية عن تكامل نظام الطوارئ الوطني مع برنامج “724”، حيث تم تحديد رمز خاص يُدعى “ساما” (السكتة الدماغية الإيرانية) لتسريع الاستجابة، حيث يتلقى فنيو الطوارئ تدريبات متخصصة للتعرف على أعراض السكتة المفاجئة، مثل:
ضعف في نصف الوجه
ضعف مفاجئ في الذراعين أو الساقين
اضطرابات في الكلام
في حال ظهور هذه العلامات، يجب على الفنيين إبلاغ الطوارئ فورا ونقل المريض إلى أقرب مستشفى متخصص في علاج السكتة الدماغية، وأكد المسؤولون نجاح نظام الطوارئ الوطني بشكل كبير في التعامل مع حالات السكتة الدماغية، ويبدأ برنامج الطوارئ بـ تشخيص سريري فوري، يليه نقل مباشر للأشعة المقطعية، ثم علاج فوري.
وأكد الخبراء أن “مليوني خلية عصبية تذبل كل دقيقة”، مشددين على أن “الوعي العام هو السلاح الأقوى لمكافحة السكتات”، ويؤكد طبيب الأعصاب: “السكتة قابلة للوقاية إذا سيطرنا على عوامل الخطر مثل الضغط والسكر والتدخين وإذا أصابت، فالسرعة هي المفتاح!”، هنا يأتي الوقت الذهبي – تلك الساعات الأولى الحرجة، حيث يمكن إنقاذ الملايين من سكتات الدماغ.
سلاحان للعلاج السريع
الحقنة المذيبة: دواء يذيب الجلطة كالسحر، خلال 4.5 ساعة الأولى – كل دقيقة تنقذ مليوني خلية عصبية!
القسطرة الذكية: عبر تصوير الأوعية، تُزال الجلطة يدويًا، ويمكن أن تمتد الفرصة إلى 6 ساعات، أو حتى 24 ساعة إذا بقي النسيج حيًا بفضل التقنيات الحديثة.
يختم الدكتور إحسان شريفي بور، أمين عام الجمعية الإيرانية للسكتة الدماغية، حديثه لوكالة “سعيد نيوز” بمناسبة اليوم العالمي للسكتة الدماغية حديثه قائلا: “كلما أسرعنا، زادت فرص النجاة!”.