Weather Data Source: 30 days weather Baghdad
بغداد
عاجل

قوة الشباب تصعد: ما الذي تغير فعلاً في المعادلة الانتخابية بالعراق؟

#
كاتب 3
10/11/2025 | 02:22 PM

من شوارع الاحتجاج إلى صناديق الاقتراع، يمر المشهد السياسي العراقي بتحول لافت، تقوده الكتلة الديموغرافية الأكبر في البلاد، وهم الشباب الغاضب. بات توسيع دور التيارات الشبابية ومشاركتها السياسية الملمح الأبرز للمحطات الانتخابية، منذ الانتخابات العراقية المبكرة الأخيرة التي نظمت في أكتوبر 2021 تحت وطأة مظاهرات 2019 العارمة التي طالبت بالتغيير والإصلاح.

يشكل الشباب دون سن 30 عامًا أكثر من 70% من سكان العراق، وهو ثقل ديموغرافي بدأ يترجم نفسه إلى قوة انتخابية فاعلة. فهل ستفرز الانتخابات العامة في دورتها السادسة خارطة برلمانية ومعادلات سياسية جديدة تنصف هذا الجيل وتمنحه الدور المستحق؟

مؤشرات التغيير: أرقام غير مسبوقة
تشير الأرقام والمؤشرات إلى تحول كبير محتمل هذه المرة. فقد أظهرت البيانات الرسمية أن نحو 40% من المرشحين في هذه الانتخابات هم تحت سن الأربعين، منهم نحو 15% أعمارهم أقل من 35 عامًا.

كما تؤكد الأرقام الرسمية أن هناك ما يقارب 19 مليون ناخب شاب ضمن قائمة الناخبين، من إجمالي نحو 29 مليون ناخب مؤهل. ومن بين قرابة 8 آلاف مرشح يتنافسون على 329 مقعدًا في مجلس النواب، تكاد تشكل الفئة تحت سن الأربعين أقل بقليل من نصفهم. هذه النسبة غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات العراقية، وتفرض نفسها كواقع جديد على القوى السياسية التقليدية.

تحول من الاحتجاج إلى المشاركة المنظمة
تبدو شوارع العاصمة بغداد والمدن الكبرى الأخرى مفعمة بشعارات ووجوه جديدة تحمل نكهة شبابية مختلفة. هذا التحوّل يمتد أيضاً إلى الفضاء الإلكتروني، الذي أصبح ساحة المعركة الحقيقية لاستقطاب الرأي العام، حيث تنشط آلاف الصفحات والحملات على منصات التواصل الاجتماعي.

في هذا الصدد، يعكس الشاب محمد عبد الله هذا التحول، قائلاً: "في العام 2019 خرجنا إلى الشوارع للمطالبة بالعدالة والتغيير، والآن نسعى لتحقيق ذلك عبر صناديق الاقتراع، خاصة وأننا الكتلة العمرية الأكبر انتخابياً، التظاهر والاحتجاج كانا البداية، والانتخاب والمشاركة هما الهدف".

هذا التحول من الاحتجاج والرفض إلى المشاركة الإيجابية البناءة، يشكل سمة واضحة لانتخابات 2025، حيث يحاول الشباب تحويل طاقاتهم إلى فعل منظم من داخل هياكل النظام السياسي.

تحديات ومفارقات
رغم الحماس، يرى المراقبون أن الطريق ليست معبدة بالورود، فـ "اللعبة الانتخابية في العراق ما زالت تدار ضمن نطاقات القوى التقليدية وتوافقاتها"، وفق ما تراه الناشطة الحقوقية نوال الإبراهيم.

لكن الإبراهيم تضيف أن دخول الشباب كمترشحين ومراقبين ومنظمين "يشكل علامة فارقة في المشهد السياسي الرتيب"، ويؤسس لمسار تغيير طويل الأمد. وتشير إلى أن حضور الشباب أثر في طبيعة النقاش العام، حيث "بات الآن ولحد كبير الحديث عن معايير الكفاءة والنزاهة والمواطنة أعلى صوتاً من حديث معايير الانتماء الطائفي والمذهبي".

ومع ذلك، تبقى هناك حالة من الشك في أن المشاركة الشبابية ستقود لنتائج ملموسة فورية، حيث ترى الإبراهيم أن المناخ الانتخابي والسياسي العام لا يزال هو ذاته، وأن "الفوز لا يعني بالضرورة النجاح" نظراً لحاجة النائب إلى فريق وتمويل وغطاء سياسي لا يزال بيد القوى المهيمنة.

وتستدرك الإبراهيم قائلة: "لا شك أن صعود دور الشباب يفرض على الطبقة القديمة إعادة حساباتها، فهناك جيل جديد لديه خطاب حالم وطموحات تغيير". المفارقة هنا أن الأحزاب التقليدية بدأت بزيادة ترشيح الشباب ضمن قوائمها لتبدو أكثر عصرية، ما يؤكد أن رمزية الشباب باتت مادة جذب وتفوق انتخابيين.

وهكذا، فإن انتخابات العراق، وفق المراقبين، ليست مجرد سباق نحو البرلمان، بل هي اختبار لمدى قدرة جيل جديد على تحويل تحفظاته وآماله وطاقاته لفعل سياسي منظم ومنتج.