Weather Data Source: 30 days weather Baghdad
بغداد
عاجل

قنبلة ساكو تنفجر بوجه السوداني: التطبيع الناعم يختبر قانون التجريم

#
كاتب 3    -      49 مشاهدة
25/12/2025 | 06:34 PM

تظهر في الآونة الأخيرة موجة من الخطابات العامة التي تتناول موضوع التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بصيغة ناعمة وغير مباشرة، تتبدّل أدواتها بين اللغة الرمزية، والإشارات الدينية، والمقاربات الإنسانية، لكنها في معظم الأحيان تُطرح داخل فضاءات رسمية أو شبه رسمية، ما يمنحها شرعية اختبار لا شرعية قرار، فالمسألة لا تتعلق بإقرار خطوات سياسية معلنة، بقدر ما تتعلق بمحاولة إعادة تعريف “المحظور” بوصفه موضوعاً قابلاً للنقاش.

هذه الدعوات لا تهدف — وفق نمطها الحالي — إلى تمرير التطبيع بشكل فوري، بل تُعنى أولاً بكسر الحاجز النفسي والقانوني، وإضعاف رمزية الرفض التاريخي عبر إدخال الملف إلى دائرة التداول الهادئ، وهنا تتجلى قاعدة سياسية معروفة: السياسة لا تبدأ بالقرارات الكبرى، بل بتطبيع الفكرة قبل تطبيع العلاقة، وإرباك القانون قبل تعطيله.

على الضفة الأخرى، تبدو المفارقة أكثر حدّة في الحالة العراقية، فالعراق يمتلك واحداً من أكثر القوانين صراحةً في المنطقة بتجريم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وهو قانون لم يولد من فراغ سياسي عابر، بل جاء نتيجة تراكم تاريخي لموقف وطني راسخ، تشكّل عبر ذاكرة صراع طويل، وتوافق شعبي وسياسي على رفض أي شكل من أشكال العلاقة.

مع ذلك، يرى مراقبون أنّ هذا القانون يُحاط اليوم بما يشبه صمتاً إجرائياً، وكأن وجوده بات رمزياً أكثر منه وظيفياً، في حين تُدار ملفات أخرى بصرامة وانتقائية واضحة، هذا التباين يطرح تساؤلات حول ما إذا كان الصمت جزءاً من مرحلة اختبار اجتماعي وسياسي، تمهيداً لخلق فضاء نقاشي يمكن أن يخفف تدريجياً من قيود الرفض.

"قنبلة ساكو أمام السوداني… إشارة أم صدفة؟

في هذا السياق، جاء ما وُصف إعلامياً بـ "قنبلة ساكو" خلال ظهوره الأخير أمام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني — وهي لحظة أثارت جدلاً واسعاً بسبب طبيعة التصريح وتوقيته ومكانه، فقد بدت الرسالة أقرب إلى إلقاء بالون اختبار سياسي في لحظة حسّاسة، لا سيما أنها صدرت في إطار رسمي، وبصيغة غير صدامية، لكنها بالغة الدلالة.

وبغضّ النظر عن الجهة التي تقف خلف الدفع بهذا الخطاب، فإن النتيجة الواضحة هي إدخال الموضوع إلى دائرة النقاش العام، وتحويله من تابو مغلق إلى ملف قابل للتناول الإعلامي والسياسي، وهو ما يتقاطع مع مقولة “التطبيع يبدأ من تطبيع الفكرة.
  هذه الدعوات ليست قراراً سياسياً مباشراً، بل عملية تهيئة بيئية ونفسية بالمقابل فان القانون العراقي حاضر بقوة في النصّ لكنه يتعرض لمحاولة تحييده واقعياً دون المساس به شكلياً.

  وتمثل قنبلة ساكو — في القراءة التحليلية — لحظة اختبار متعمد لردود الفعل، أكثر مما تمثل تبنّياً رسمياً لخيارات سياسية.