غريغوري ياكوفليفيتش بيرلمان، الرياضي العبقري الذي حل واحدة من أعقد المسائل الرياضية في التاريخ، أذهل العالم برفضه الجوائز والشهرة. إذ حل حدسية بوانكاريه الشهيرة التي كانت تعد من أعظم المسائل غير المحلولة في الرياضيات، ما جعله يفوز بجائزة معهد كلاي التي تصل قيمتها إلى مليون دولار، بالإضافة إلى ترشيحه لوسام فيلدز، وهو ما يوازي جائزة نوبل في الرياضيات.
وبالرغم من كل هذه الإشادات، قام بيرلمان برفض كل الجوائز والأوسمة التي عرضت عليه. في تصريحات له، قال إنه لا يشعر بالانتماء إلى المجتمع العلمي المعاصر، معتبرًا أن المسألة كانت قد حُلَّت بنجاح ولا حاجة لمزيد من الاعتراف. هذا الموقف لم يمنعه من الاستمرار في عمله الرياضي المعقد على الرغم من ابتعاده عن الأضواء.
أصبح بيرلمان مثالًا للعبقرية المرهقة، فهو لا يهتم بالمكانة الاجتماعية التي حصل عليها في عالم الرياضيات، وفضّل أن يعيش حياة منعزلة بعيدًا عن تكريمات المجتمع الأكاديمي. صورته الملتقطة في مترو سانت بطرسبرغ كشخص يظهر في ملابس قديمة، بلا مأوى أو متسول، على عكس صورة العالم الرياضي الشهير، تظل متناقضة لكن تحمل رسالة قوية عن المفاضلة بين البساطة والإنجاز.
ولعل حياة بيرلمان تعكس فصلاً من فصول القسوة التي قد يجلبها النجاح الفائق، حيث أثبتت تجاربه أن التميز الأكاديمي ليس دائمًا مرادفًا للمكانة الاجتماعية والاعتراف العام.