تتصاعد وتيرة الأحداث السياسية في العراق مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 تشرين الثاني، بعد سلسلة من التسريبات والتصريحات المتضاربة بين الأطراف السياسية والدينية.
ففي الوقت الذي تحدثت فيه وسائل إعلام إماراتية عن ترتيبات يقودها زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر لتنظيم تظاهرات كبرى في 25 تشرين الأول احتجاجاً على الانتخابات، سارع مقربوه إلى نفي تلك الأخبار، فيما عاد الجدل مجدداً مع بيانات من المرجعية الدينية ومواقف من ناشطي تشرين ومسؤولين أمنيين وسياسيين، ما يجعل يوم 25 تشرين يوماً مفصلياً في المشهد العراقي.
الوكالة الإماراتية تثير الجدل بخبر عن السيد الصدر والسيد السيستاني
في 14 تشرين الأول، نشرت وكالة العين الإماراتية خبراً أفادت فيه بأن زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر أبلغ المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني بوجود ترتيبات لتظاهرات واسعة لأنصاره يوم 25 تشرين الأول، احتجاجاً على الانتخابات البرلمانية المقبلة.
الخبر أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية، لما يحمله من دلالات حول موقف التيار الصدري من العملية الانتخابية المقبلة.
“وزير الصدر” يرد: إعلام مأجور
لم يتأخر الرد كثيراً، إذ أصدر المقرب من السيد الصدر، المعروف باسم "وزير القائد" صالح محمد العراقي، بياناً على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، نفى فيه ما نشرته الوكالة الإماراتية، واصفاً إياها بـ"الإعلام المأجور".
ناشطو تشرين يدخلون على الخط
في 17 تشرين الأول، أصدر ناشطو تشرين بيانات غاضبة أدانوا فيها الاعتقالات التي طالت محتجيهم في بغداد وعدد من المحافظات.
وأعلنوا عن نيتهم تنظيم تظاهرات كبرى في 25 تشرين الأول بساحة التحرير، مطالبين بالإفراج عن المعتقلين ورفض إجراء الانتخابات في موعدها المقرر.
غير أن مصادر سياسية مؤكدة أشارت لاحقاً إلى أن هذه التظاهرات هي واجهة لحراك يقوده التيار الصدري، لا سيما بعد تزامن الدعوتين في التوقيت والمطالب.
مكتب السيد السيستاني: لا موقف محدداً من المشاركة في الانتخابات
وفي 18 تشرين الأول، أصدر مكتب المرجع الأعلى السيد علي السيستاني بياناً أكد فيه أن المرجعية لا تتبنى أي موقف من المشاركة في الانتخابات، وأن المشاركة من عدمها تُترك لقناعة المواطن، قائلاً:
"فإن وجد المواطن أن المشاركة أوفق بمصلحة العراق فليشارك بانتخاب المرشح الصالح الأمين."
وقد فُسِّر هذا البيان من قبل مراقبين على أنه جاء على اثر المداولات التي جرت بين المرجعية وزعيم التيار الصدري حول الموقف من الانتخابات المقبلة.
مصادر موثقة تؤكد صحة تسريبات الوكالة الإماراتية
رغم نفي “وزير الصدر”، أكدت مصادر موثوقة أن تقرير الوكالة الإماراتية يحمل قدراً كبيراً من الصحة، مشيرة إلى أن السيد الصدر فعلاً أبلغ السيد السيستاني بنيّته تنظيم تظاهرات تهدف إلى الضغط لإلغاء الانتخابات المقبلة.
وأضافت المصادر أن المرجعية، عقب هذا الإبلاغ، فضّلت إعلان الحياد في موقفها عبر البيان المذكور.
تحذيرات أمنية واستعدادات استباقية
في ظل هذه التطورات، دعا عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية علي البنداوي إلى إعداد خطة أمنية استباقية متكاملة تأخذ في الحسبان دقة المرحلة وحجم التهديدات المحيطة بالاستحقاق الانتخابي.
وأكد البنداوي ضرورة "تفعيل العمليات الاستخباراتية وتعزيز الجهد الأمني في جميع المحافظات"، محذراً من أي تراخٍ أمني قد يؤدي إلى انفلات الأوضاع خلال الأيام المقبلة.
كما شدد على "تدوير القيادات الأمنية لضمان أداء ميداني فعّال يواكب متطلبات المرحلة".
الركابي: الانتخابات المقبلة مفصلية في تاريخ العراق
من جانبه، وصف السياسي المستقل وائل الركابي الانتخابات المقبلة بأنها "انتخابات مفصلية"، مشبهاً إياها بانتخابات عام 2005 التي جاءت بعد سقوط النظام السابق، مضيفاً: "اليوم نعيش مرحلة جديدة من المتغيرات الإقليمية، وكل كتلة سياسية ترى نفسها قادرة على قيادة العراق وسط هذه التحولات. وكما غيرت انتخابات 2005 النظام من دكتاتوري إلى ديمقراطي، فإن انتخابات 2025 ستحدد من يتمسك بالنظام الديمقراطي ومن يسعى لتغييره أو رفضه."
العراق يقف على مفترق طرق
ومع اقتراب موعد التظاهرات المنتظرة في 25 تشرين، يقف العراق على مفترق طرق سياسي وأمني حساس. فبين نفي التيار الصدري وتسريبات الوكالة الإماراتية وتحركات ناشطي تشرين، تبدو الساحة مهيأة لاحتمالات مفتوحة، قد تعيد رسم ملامح المشهد الانتخابي برمّته، وتحدد شكل العلاقة بين الشارع والسلطة في المرحلة المقبلة.